بقلوب ملؤها السرور.. عضوات آسية يلتقين د.أسماء الرويشد بعد انقضاء شهر الصيام



 يوم تزداد فيه القلوب شوقا للقيا الأحباب بعد الغياب، و فرحا بمتعة الإفطار بعد الصيام، و العودة من جديد لمجالس تحفها الملائكة و يُذكر أهلها عند الرحمن جل جلاله؛ يوم تلتقي فيه عضوات آسية الكريمات في لقائهن الشهري مع د.أسماء الرويشد، و كلهن مبتهج، لاستئناف حضورهن إلى آسية بعد شهر العبادة الفضيل.

بدأ اللقاء باجتماع العضوات على الإفطار الجماعي، و هن في غاية السعادة، ثم أدين صلاة المغرب، و اتجهن مباشرة إلى القاعة الكبرى لحضور محاضرة د.أسماء الرويشد و هن متلهفات لمعرفة ما ستقدمه لهن في مجلسهن من نصائح و مواعظ يسترشدن بها في حياتهن.

و قد قامت د.أسماء الرويشد- مشكورة- بإختيار موضوع في غاية الأهمية كان الجميع بحاجته، خصوصا بعد إنقضاء شهر رمضان المبارك، ألا و هو: كيفية الثبات بعد الاستقامة.

و أوضحت د.أسماء أن جميعنا في الغالب يبدأ رمضان بعلو همة، فيه نستغني عن الكماليات و الكثير من المباحات لأجل التفرغ للعبادة، ثم ينقضي و نحن على عزم بأن نستمر على ذلك، و لكن هذا العزم يبدأ بالذهاب شيئا فشيئا مع مرور الأيام، لماذا؟؟ و ما هي الأسباب؟؟ و كيف نثبت على ما عزمنا عليه أثناء شهر الصيام؟؟

و ذكرت د.الريشد أن إبرام العزيمة بالاستمرار على أمر ما هو تربية ذاتيه للنفس، في أمور الدين و أمور الحياة، و أننا يجب أن لا نعتاد أن نغفل عما عزمنا على فعله، حيث أنها عادة سيئة في أمور الدنيا، فكيف هي في أمور الدين و العبادة.

في الغالب الجميع يخرج من رمضان و لديه خطة للاستمرار على الطاعة، فكيف نلتزم بهذا التخطيط و هذا القرار و لا نجعل انقضاء رمضان نقطة نهاية لهمتنا في العبادة؟؟

و الحل هنا يكمن في لزوم التأكيد بعد رمضان على مسألة العزيمة على الرشد، وإن أهم سبب في الثبات هي سؤال الله ذلك باستمرار و محاسبة النفس على التقصير، و تجديد التوبة و البعد عن الغفلة.

و بينت الدكتورة أن حقيقة الثبات هي الاستقامة على شرع الله (اهدنا الصراط المستقيم)، و أن الله تعالى ذكر لنا في القرآن الكريم  الربانيين والراسخين في العلم و أخبرنا أنهم يسألون الله الثبات دوما بالرغم من علمهم و رهبانيتهم وقربهم من الله، و كانوا يكررون (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا)، فكيف بنا نحن؟ ما دمنا بشرا فلا بد أن تزل قدم بعد ثبوتها، لذلك فمن المهم أن نسأل الله الثبات على الدوام.

ثم تناولت د.أسماء شرحا لدعاء مأثور عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، نسأل فيه الله عز و جل الثبات و العزيمة على الرشد، و نص الدعاء هو:

(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ قَلْبَاً سَلِيمَاً، وَلِسَانَاً صَادِقَاً، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ لِمَا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ)

ثم شرحت د.أسماء معنى العزيمة، فمن معانيها: “القصد الجازم المتصل بالفعل”، و من معانيها كذلك: “استجماع قوى الإرادة على العمل”، و من هنا فإنه علينا دوما أن نعمل فور أن نعلم، دون تسويف أو تأجيل.

ثم ركزت د.أسماء الرويشد على مسألة الصبر، و أنه سبب كمال العبد في العزيمة و الثبات مستشهدة بقول ابن القيم -رحمه الله- ” الصبر سبب في كل كمال، فأكمل الخلق أصبرهم، فإن كمال العبد بالعزيمة و الثبات…”، و قول مأثور عن علي رضي الله عنه “معلوم أن شجرة الثبات و العزيمة لا تقوم إلا على ساعة الصبر”.

ثم ذكرت لنا وجوب العمل بعد العلم، وقربت لنا هذا المفهوم بالطبيب يعطينا الدواء، و بعد ذلك المسؤول عن استخدام هذا الدواء بالطريقة الصحيحة و المداومة عليه هو نحن، كذلك الحال عند تعلم العلم و معرفته و فهمه، فإنه لا أثر له إذا لم يلحقه عمل، كمن عرف الدواء ثم لم يأخذه.

و مثال ذلك: عندما نعلم أن من صلى ركعتي الفجر خير من الدنيا و ما فيها، يجب أن نثبت عليها و لا نتركها أبدا، لا يكفي أن نعلم ، بل يجب أن نعمل.

ثم بينت د.الرويشد أن من أسباب العزيمة و الثبات أن نعرف هدفنا الحقيقي، و قيمته، و طريق الوصول إليه معرفة جيدة، حتى لا نهدر أوقاتنا و جهودنا بما لا ينفعنا لتحقيق هدفنا.

و إذا عرفنا أن مطلبنا هو رضى الله سبحانه، و أننا نطلبه بالثبات و الصبر و العلم و الطاعة، و عرفنا قيمة ما نطلبه، جعلنا نفوسنا تواقة دائما لمعالي الأمور.

و ذكرت د.أسماء سببا آخر يعين الإنسان على الثبات على ما عزم عليه ألا و هو المداومة على التوبة و تطهير القلب دائما من الأهواء، حتى يستقبل الحق بقوة و عزيمة، و إن أفضل علاج تعالج به القلوب هو المداومة على تلاوة القرآن الكريم و تدبره، و خصوصا أثناء قراءته في القيام عند هدوء و ظلمة الليل، فقلوبنا تحيا باتصالنا مع الله و تلاوة آياته و الوقوف عندها، ثم يتحول ذلك كله إلى عمل يرضي الله تعالى.

و اختتمت الدكتورة أسماء الرويشد محاضرتها بالدعاء لجميع الحاضرات الكريمات بالثبات و العزيمة على الرشد.

و بعد ذلك قامت العضوات الكريمات بتقديم مفاجأة مفرحة لد.أسماء الرويشد تقديرا لجهودها و سعيها المثمر في الدعوة، سائلين المولى عز و جل لها الأجر المضاعف و الفلاح في الدنيا و الآخرة.

و هنا يجدر بنا أن نتقدم بالشكر لعضواتنا الكريمات على مبادرتهن الجميلة في هذا اليوم، و نخص بالشكر العضوات الاتي ساهمن بشكل فعال في تقديم المفاجأة.

و كان من تفاعل عضواتنا الرائعات، ما كتبته العضوة آمال الحزيمي في تغريدة لها:

شكرا آسيانا ، ويظل عطاؤكم يغدق علينا، ارويتم عطشا بهذه المقتطفات، جعلها الله لكم حسنات مضاعفات، وأجزل لدكتورتنا عظيم الهبات”