(خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ)



من هم الذين لا تمسهم النار؟

 الإجابة على هذا السؤال بجواب مجمل وهو: أن طاعة الله عز وجل، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، بفعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه، هي أصل الفوز بالجنة والنجاة من النار، وأن معصية الله ورسوله هما سبب دخول النار، كما قال الله عز وجل: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ) النساء/13 ، 14 .

 

وكما أخبر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حيث قَالَ: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى). رواه البخاري (7280) .

 

وأما الجواب المفصل فهناك من الأعمال والصفات ما نص الرسول صلى الله عليه وسلم على تحريم صاحبها على النار، وذلك ترغيباً لنا في القيام بها، وإتقانها على الوجه الذي يرضاه الله تعالى .

فمن ذلك :

 

1-  قول لا إله إلا الله بإخلاص ويقين:

*عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لمعاذ رضي الله عنه: (مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) رواه البخاري ومسلم.

*وعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ) .رواه مسلم

*وعن عِتْبَانَ بْن مَالِكٍ الْأَنْصارِيَّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ) رواه البخاري ومسلم.

 

2- حسن الخلق ولين الجانب:

*روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ ؟ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ سَهْلٍ). وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة.

 قَالَ الْقَارِي : أَيْ تُحَرَّمُ عَلَى كُلِّ سَهْلٍ طَلْقٍ حَلِيمٍ لَيِّنِ الْجَانِبِ ” انتهى .

تحفة الأحوذي” (7/160) 

قال القاري: (… ((قريب)) أي: من النَّاس بمجالستهم في محافل الطَّاعة، وملاطفتهم قدر الطَّاعة. ((سهل)) أي: في قضاء حوائجهم، أو معناه: أنه سمح القضاء، سمح الاقتضاء، سمح البيع، سمح الشِّراء)  (2) . 

وقال الصديقي: (… ((تحرم على كلِّ قريب))أي: من النَّاس بحسن ملاطفته لهم)

 

3-  تغبير القدم في طاعة الله:

*روى البخاري عن عَبَايَةُ بْنُ رِفَاعَةَ قَالَ أَدْرَكَنِي أَبُو عَبْسٍ وَأَنَا أَذْهَبُ إِلَى الْجُمُعَةِ فَقَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : (مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ) .

 *وروى أحمد أن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (مَنْ اغْبَرَّتْ قَدَمَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهُمَا حَرَامٌ عَلَى النَّارِ) صححه الألباني في “الإرواء” (5/5) .

*وهو من أسباب نيل محبة الله، فعن أبي أمامة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس شيء أحبَّ إلى الله من قطرتين وأثرين؛ قطرةٍ من دموع من خشية الله، وقطرةِ دمٍ تُهْراق في سبيل الله. وأما الأثران فأثر في سبيل الله، وأثر في فريضة من فرائض الله عز وجل» رواه الترمذي.

*والأثر في سبيل الله كخطوة أو غبار أو جرح في الجهاد، أو سواد حبر في طلب العلم.

*والأثر في فريضة من فرائض الله كتشقق اليد والرجل من أثر الوضوء في البرد، وبقاء بلل الوضوء، وخشونة الجبهة والركبتين من أثر السجود، وخُلُوف الفم في الصوم، واغبرار القدم في الحج.

 

4- الصلاة ومواضع السجود:

*روى أحمد عَنْ حَنْظَلَةَ الْأُسَيْدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ ، عَلَى وُضُوئِهَا ، وَمَوَاقِيتِهَا ، وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا ، يَرَاهَا حَقًّا لِلَّهِ عَلَيْهِ حُرِّمَ عَلَى النَّارِ) حسنه الألباني في “صحيح الترغيب” .

*عن أبي بكر بن عمارة بن رويبة عن أبيه -رضي الله عنه- قال: سمعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ( مَنْ صَلَّى قبلَ طلوعِ الشمسِ وقبلَ غروبِها حَرَّمه اللهُ على النَّارِ).صحيح ابن خزيمة وأصله في صحيح مسلم بلفظ: ( لاَ يَلِجُ النَّارَ مَنْ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا). صحيح مسلم

  *عن أنس -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من صلى في اليوم اثني عشرة ركعة حرم الله لحمه على النار). صححه الألباني في سنن النسائي وسنن ابن ماجه، وأصله في الترمذي وغيره بلفظ: (من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة أربع ركعات قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب، وركعتين بعد العشاء، وركعتين قبل الفجر). 

*عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ) متفق عليه .

*عن أَبي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (…حَتَّى إِذَا أَرَادَ الله رَحْمَةَ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ الله الْمَلائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَيُخْرِجُونَهُمْ وَيَعْرِفُونَهُمْ بِآثَارِ السُّجُودِ وَحَرَّمَ الله عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ فَكُلُّ ابْنِ آدَمَ تَأْكُلُهُ النَّارُ إِلا أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ) رواه البخاري ومسلم

 

5-  المحافظة على أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا:

روى أبو داود والترمذي وصححه عن أُمّ حَبِيبَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رضي الله عنها قالت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ حَافَظَ عَلَى أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَأَرْبَعٍ بَعْدَهَا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

 

6- ذكر الله وتوحيده عند الموت:

روى ابن ماجة عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم أنه شهد على أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ. يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَأَنَا أَكْبَرُ.

وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ. قَال: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي .

وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَلَا شَرِيكَ لِي .

وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ. قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، لِي الْمُلْكُ، وَلِيَ الْحَمْدُ .

وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي) .

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ رُزِقَهُنَّ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ) صححه الألباني في “صحيح الجامع” (713) .

 

7- البكاء من خشية الله، والحراسة في سبيل الله :

*روى الترمذي وحسنه عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : (عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ : عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .

والمراد: لا تمس صاحبهما، فعبر بالجزء عن الجملة. 

قال المناوي رحمه الله في فيض القدير: “بكاء العين من خشية الله يطفئ بحوراً من النيران؛ فإن خشيته تحرق قلبه، فتذيب شحم فؤاده، فتجري دموعه، فتطفئ نار معصيته. وسوَّى بين العين الباكية والحارسة؛ لاستوائهما في سهر الليل لله، فالباكية بكت في جوف الليل خوفا من الله، والحارسة سهرت خوفا على دين الله”.

* عن أبي هريرة – رضي اللَّه عنه – قال : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : ” لا يَلِجُ النَّارَ رَجْلٌ بَكَى مِنْ خَشْيَةِ اللَّه حَتَّى يَعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرْع ، وَلا يَجْتَمعُ غُبَارٌ في سَبِيلِ اللَّه ودُخانُ جَهَنَّمَ ” . رواه الترمذي (1633) والنسائي (3108) . وصححه الألباني .

وقوله ” حتى يعود اللبن في الضرع ” : هذا من باب التعليق بالمحال كقوله تعالى : ( حتى يلج الجمل في سم الخياط ) “تحفة الأحوذي

 

8- غض البصر عما حرم الله :

روى الطبراني في “المعجم الكبير” (1003) عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا ترى أعينهم النار : عين حرست في سبيل الله ، وعين بكت من خشية الله ، وعين غضت عن محارم الله ) . وصححه الألباني في “الصحيحة” (2673).

والإغضاء: إدناء الجفون، وغضَّ طرفَه: أطبق الجفن على الحدقة.[لسان العرب]

وقد أوجب الله تعالى غض البصر عما حرم علينا، فقال: }قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ{(النور:30). والمعنى: قل – أيها النبي – للمؤمنين يَغُضُّوا مِن أبصارهم عمَّا لا يحلُّ لهم من النساء والعورات.

وغضه يورث الحكمة ونور القلب. قال أبو الحسين الورَّاق رحمه الله: “من غضَّ بصره عن محرَّم أورثه الله بذلك حكمةً على لسانه يهتدي بها سامعوه”[مجموع الفتاوى]

 فإن من كفَّ بصره عن الحرام ناسب أن يُطلق الله نور حكمته، والجزاء من جنس العمل.

 

9- الصبر على فقد الولد :

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ) متفق عليه .

قال النووي في “شرح مسلم” :قَالَ الْعُلَمَاء : ( تَحِلَّة الْقَسَم ) مَا يَنْحَلّ بِهِ الْقَسَم ، وَهُوَ الْيَمِين ، وَجَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيث أَنَّ الْمُرَاد قَوْله تَعَالَى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا) وَبِهَذَا قَالَ أَبُو عُبَيْد وَجُمْهُور الْعُلَمَاء ، وَالْقَسَم مُقَدَّر، أَيْ : وَاَللَّه إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا ، وَقَالَ اِبْن قُتَيْبَة : مَعْنَاهُ تَقْلِيل مُدَّة وِرْدهَا . قَالَ : وَتَحِلَّة الْقَسَم تُسْتَعْمَل فِي هَذَا فِي كَلَام الْعَرَب ، وَقِيلَ : تَقْدِيره : وَلَا تَحِلَّة الْقَسَم ، أَيْ : لَا تَمَسّهُ أَصْلًا، وَلَا قَدْرًا يَسِيرًا كَتَحِلَّةِ الْقَسَم ، وَالْمُرَاد بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدهَا) الْمُرُور عَلَى الصِّرَاط ، وَهُوَ جِسْر مَنْصُوب عَلَيْهَا . وَقِيلَ: الْوُقُوف عِنْدهَا” انتهى باختصار .

*روى الطبراني في “الكبير” عن واثلة رضي الله عنه قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من دفن ثلاثة من الولد حرم الله عليه النار) صححه الألباني في “صحيح الجامع” (6238) .

 

10- الصيام فرضا ونفلا :

(من صام يوماً في سبيل الله زحزح الله عن النار سبعين خريفاً) رواه البخاري ومسلم.

 

11- الصدقة:

عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها، ثم ذكر النار فأشاح بوجهه فتعوذ منها، ثم قال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة) رواه البخاري ومسلم.

وفي رواية لهما عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة).

أي: اتخذوا ما يقيكم من النار ولو كان يسيرًا من مال، أو خلق حسن.

قال الحافظ ابن حجر في الفتح: “وفي الحديث الحث على الصدقة بما قل وبما جل، وأن لا يحتقر ما يتصدق به، وأن اليسير من الصدقة يستر المتصدق من النار“.

 

12كثرة الاستعاذة من النار:

 وهذا دأب الصالحين الذاكرين.. ولله ملائكة سياحون في الأرض يمرون بمجالس الذكر، ثم يسألهم ربهم عن أحوال الذاكرين، فيقول لهم وهو أعلم بهم: «مِمَّ يتعوذون؟ فيقولون: من النار. فيقول: وهل رأوها؟ قالوا: لا. والله ما رأوها. فيقول: كيف لو رأوها؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا وأشد منها مخافة؟ قال فيقول: إني أشهدكم أني قد غفرت لهم» رواه البخاري ومسلم.

 *وفي مسند أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة: «ما سأل رجل مسلم الجنة ثلاثاً، إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة، ولا استجار رجل مسلم من النار ثلاثاً، إلا قالت النار: اللهم أجره مني». 

* وفي حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما استجار عبد من النار سبع مرات في يوم إلا قالت النار : يا رب إن عبدك

فلانا قد استجارك مني فأجره ، و لا يسأل الله عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا

قالت الجنة : يا رب ! إن عبدك فلانا سألني فأدخله الجنة ” .

الألباني ” السلسلة الصحيحة ” 6 / 22

تنبيه:

لم يرد تقييد الاستعاذة من النار وسؤال الجنة بشيء من الصلوات، ولا بوقت من الأوقات، وما ورد في تخصيصها بصلاة الفجر والمغرب فهو حديث ضعيف لا يعمل به.

فيستحب للمؤمن أن يكثر من سؤال الله الجنة، والاستجارة من النار، في كل وقت، وفي الصلاة وفي غير الصلاة، من غير أن يقيد ذلك بصلاة معينة، ولا بوقت معين.

 

13المؤمن بالله، والمحبّ لله، والكاره للرّجوع إلى الكفر بعدَ إيمانه:

عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ –رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ حُرِّمَ عَلَى النَّارِ وَحُرِّمَتْ النَّارُ عَلَيْهِ إِيمَانٌ بِالله، وَحُبُّ الله، وَأَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ فَيُحْرَقَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ) 

مسند أحمد بن حنبل وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده حسن نوفل بن مسعود روى عنه جمع وذكره ابن حبان في الثقات.

 

14 السهر في سبيل الله:

عن أبي رَيْحَانَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (حُرِّمَتْ عَيْنٌ عَلَى النَّارِ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ الله) صححه الألباني في سنن أبي داوود.

ويدخل تحت ذلك، السهر في الحراسة في سبيل الله، والسهر في سائر أنواع الطاعات، كقيام الليل، وطلب العلم…

 

15قول (سُبْحَانَ اللهِ وَالْحَمْدُ للهِ وَلَا إِلَٰهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ):

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّىٰ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(خُذُوا جُنَّتَكُمْ)!

قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ! أَمِنْ عَدُوٍّ حَضَرَ؟ قَالَ: (لَا! وَلَكِنْ خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ! قُولُوا: سُبْحَانَ الله وَالْحَمْدُ للهِ وَلَا إِلَٰهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، هُنَّ مُعَقِّبَاتٌ، وَهُنَّ مَجَنِّبَاتٌ وَمُقَدِّمَاتٌ، وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ).

رواهُ النَّسائيُّ وغيره، “سلسلة الأحاديث الصّحيحة“.

معنىٰ:

(جُنَّتَكُمْ): -بِضَم الْجِيم وَتَشْديد النُّون- وقايَتَكُمْ؛ أَيْ: مَا يَسْترُكُم ويقيكُمْ.

(مُعَقِّبَاتٌ): مؤخّرَاتٌ يعْقِبْنَكُمْ مِنْ ورَائِكُم.

(مَجَنِّبَاتٌ): لِقَائِلِهِنَّ. ومُجَنِّبَة الجيْش: هِيَ الَّتِي تَكُونُ فِي المَيْمنة والمَيْسَرة، وهُما مُجَنِّبَتَان، وَالنُّونُ مَكْسُورَةٌ.

(وَمُقَدِّمَاتٌ): أيْ: مُقَدِّمَاتٌ أَمَامَكُم.

– (الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ): البَاقِي مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَعْدَ فَنَاءِ الحَياةِ الدُّنْيا. تَبْقَى لِأَهْلِهَا فِي الْجَنَّةِ، مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ.

 

 

 هذه بعض الأعمال التي جاء النص عليها أن من فعلها حرمه الله على النار، نسأل الله تعالى أن يوفقنا للعمل بها .

 

وجماع ذلك كما سبق هو: طاعة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم .

 

والله أعلم.