الفتاة والشهرة



بدأت طريق الشهرة في الخامسة من عمرها، وعاشت أيامًا مفعمة بالسعادة تحت الأضواء؛ فتلك تلتقط صورة تذكارية معها، وذا يربت على كتفها، وهناك من يحدثها عن شوقه للقائها، ومتابعون من أنحاء العالم الواسع يخبرونها أنهم مغرمون بقلبها الصغير!

أما أسرتها فقد غمرتها بالحب والاحتواء، وسكبت في قلبها أعذب كلمات المدح والثناء، ودعمتها أيما دعم؛ لتنمية مواهبها ومهاراتها مع الجمهور، وتعزيز مكانتها الاجتماعية، حتى غدت محور حديثهم في كل جلسة أسرية أو اجتماع عائلي؛ فخرًا بتلك النجمة اللامعة!

كانت فتاة محظوظة، ما أن تطل على الجماهير الغفيرة التي احتشدت بانتظار إطلالتها البهية، إلا وتتعالى أصوات التصفيق والصفير والصراخ وتنهمر عليها كلمات التشجيع التي تشعل حماسها على خشبة المسرح، ناهيك عن المبالغ الطائلة التي تتقاضاها مقابل كل إطلالة آسرة جعلتها في مصاف الأثرياء الصغار، ما نتج عنه تطور سريع في مستوى حياة الأسرة ورفاهيتها.

تلك الأسطورة المدللة يكاد قلبها أن يطير فرحًا؛ فهي تشتري ما تريد متى ما تريد، وتسافر حيث تريد، لا لشيء سوى لتحقيق تبعات الشهرة المادية!

هكذا تكون حياة النجوم الصغار، وما إن يكبروا ترتطم تلك النجومية بجدار الواقع والحقيقة بعيدًا عن سماء العالم الافتراضي!

أدركت العائلة ذلك بعد فوات الأوان!

كان عليهم أن يغرسوا فيها حياء الفتاة المستقيمة وعفتها، لا سيما وأن تلك العائلة عرف عنها تمسكها بالشريعة  الإسلامية، لكنها على حين غفلة وجدت نفسها بين خيارين أحلاهما مرٌّ!

إما أن تدخل في دوامة الصراع مع والديها أو أن ترضخ لهم فيأفل نجمها إلى غير رجعة!

عاشت تلك النجمة صراعًا داخليًّا لا يهدأ.. وأسئلة حائرة تطرقها كل ساعة.. ما مصير شهرتي؟ ماذا عن جمهوري الحبيب؟! تلك المبالغ التي كانت تغدقني سعادة، هل ستبقى لي؟! أحقًا لن أعتلي مسرحًا بعد اليوم! ألن يصفق لي الجمهور ثانية؟! …

أسئلة متتالية أصابت قلبها الصغير في مقتل، فأغرقتها في دوامة (مشكلات نفسية وأسرية)، بعد أن أيقنت أن لا خيار أمامها سوى التسليم والطاعة.

 

بقلم الاخصائية  النفسية والمستشارة التربوية

فردوس بنت علي اللمعاني