مواسم مقدّسة جديرة باحتفاء الأسرة



لا عجبَ أنْ تتّجه موضوعاتُنا نحو الأُسرة، فالأُسرة هي اللّبِنَة الاجتماعيّة الأولى في تكوين المجتمع، و التي نفخر بأنّها ما زالتْ تحتفظ بمكانتها وأهمّيتها في مجتمعنا رغم سرعة التغيير الذي نعيشه.

فالأسرة مصدرٌ لكلّ فكرة، ومنبعٌ لكلّ سلوك أو عاطفة، وشعورٌ يرتبط بالذاكرة تجاه موقفٍ إيجابيّ أو مناسبة اجتماعيّة قد ننشأ عليها وننشئ أطفالنا عليها.

 ومن أهمّ ما يحفرُ في الذاكرة: طريقة الأسرة في إحياء المواسم الدينية والاحتفاء بها؛ كالعيد وموسم الحج. فلكلّ أسرةٍ أسلوبٌ خاصٌّ بغرس هذه المناسك في أعماق وجدان أبنائها، وإبراز أهمّيتها لهم، وتحفيزهم لاستشعار كلّ ركن ومنسك تقف فيه أفواج الحجيج، دون تمييز لجنسٍ، أو طائفةٍ، أو شكلٍ، أو لونٍ، موحّدين غايتهم لإرضاء خالقهم.

 و بتلك الطريقة فإنّ الأبناء لا ينظرون إلى هذه المواسم على أنها عادةٌ سنويةٌ ألِفوها أو أمرٌ رتيبٌ متكرّرٌ تناقلوه بلا إدراك لأهميته أو حكمته، بل يرونها شعائرَ دينيةً عظيمةً عميقةً لابدّ من الوقوف على تفاصيلها و تلمُّس مقاصدها.

 وقد وفّق الله بعض الأُسر إلى تشجيع أبنائها على التطوّع في خدمة حُجّاج بيت الله الحرام، حيث وهب هؤلاء الفتية الكثيرَ من وقتِهم وجهدِهم وإنسانيتهم فسخّروها للخير، وذاقوا بذلك لذّة العطاء، وما هذا إلا انعكاسٌ لجهود أُسَرِهم وتمكين الدولة لهم، حيث تعزّزتْ عندهم روحُ العطاء والمواطنة الصحيحة، فالشكرُ لأسرهم وللمملكة على ما تقدّمه وتبذله كلّ سنة في خدمة الحُجّاج والعناية بهم دون توانٍ أو تقصير في أقدس الأمكنة و أعظم الشعائر.

 والاحتفاء بالعيد شعارٌ لهذا الدين، فالعيد ليس مقتصراً على الحجّاج، بل هو أيّام فرحٍ و سرورٍ لكلّ المسلمين، فعلينا أنْ نظهر الفرح فيه، وأنْ ننشره بين الناس.

وممّا قد يساعد الأسرةَ على الاحتفاء بالعيد جملةٌ من النقاط البسيطة التي يستطيع كلٌّ منّا توظيفها، ومنها:

        إشراك أفراد الأسرة في اختيار الأضحية، والتذكير بقصّة الفداء الكبرى، حيث أمر الله تعالى إبراهيم-عليه السلام- أنْ يضحّي بابنه إسماعيل-عليه السلام-، وبعد استجابة مطلقة منهما لأمر ربّهما فدى اللهُ إسماعيلَ-عليه السلام- بكبشٍ يُذبح عوضاً عنه.

        التعامل مع كل تساؤلات أفراد الأسرة حول العيد أو الحجّ؛ لما في ذلك من رفْع وعيهم بدينهم، وابتعادٍ عن الجهل بأحكامه، وترْكٍ للتقليد الأعمى.

        إعداد كلّ ما يُدخِلُ الفرحَ يوم العيد من خلال أمورٍ مادّية؛ كالملبس والهدايا البسيطة، حسب استطاعة الأسرة، ولجميع أفرادها كبيرِهم و صغيرِهم.

        تخصيص وقتٍ كافٍ لمعايدة الأسرة- قبل غيرها- يوم العيد، وهذا يزيد من أُلْفتها ويوطّد تماسكها.

نسأل الله أنْ يتقبَّلَ من حُجّاج بيته سعيَهم، ويكتُبَ حِجَّتَهم، ويعيدَه على المسلمين أجمعين بالخير والبركات.