اللقاء التربوي الثالث يطرح مشكلة انحراف الفتيات



اللقاء التربوي الثالث يطرح مشكلة انحراف الفتيات

عبر فعاليات اللقاء التربوي الثالث والذي أعدته وحدة الإعلام التربوي بمنطقة الرياض كانت محاضرة الأستاذة مها الخميس الأخصائية الاجتماعية بمؤسسة رعاية الفتيات بمنطقة الرياض وتعليق الأستاذة أسماء الخميس الداعية المعروفة تكمل كل واحدة منها الأخرى، حيث تعرضت الأستاذة مها الخميس في محاضرتها ” صور ونماذج من تربية النشء” من واقع عملها بالمؤسسة الى العديد من الحالات النزيلة وآلية التعامل معها تربوياً وتأهيلياً ودينياً لإعادة تصحيح الأخطاء التي وقعت بها الفتيات ليخرجن مؤهلات صالحات يفدن ويستفيدن.

فقد أكدت على أن هناك عدة عوامل تدفع الفتاة الى الانحراف أهمها الخلل في دور الأسرة التربوي كالقسوة الزائدة أو التدليل الزائد، والحاجة المادية، وافتقاد الرقابة المقننة (أي دون إشعار الفتاة بهذه الرقابة) والموزونة أي غير الشديدة والتي تصل الى درجة الشك.

كما أضافت أن من العوامل المساعدة أيضا تقنيات العصر الحالي والتي منها الهاتف الجوال والانترنت، حيث أصبحا من خلال استخدام السيء من اكبر عوامل هدم الأخلاق فمعظم الحالات كانت بدايتها بمعاكسة هاتفية أو تعارف عن طريق التشات.

وتأتي خطورتها في سهولة الحصول على الهاتف الجوال دون علم الأهل، وكذلك إمكانية الدخول الى التشات في المنزل أو في أي مقهى أو معهد أو ناد نسائي، أيضًا عامل وسائل الإعلام الساقطة وما تبثه الفضائيات من برامج الإثارة العاطفية والجنسية والتذويب الفكري لفئة الشباب والشابات ساهمت في إثارة غرائز هذه الفئات العمرية فارتفعت جرائم الزنا واللواط والمسكر وتفشت ممارسة العادات السيئة كالعادة السرية والتدخين وأثرت على عقولهم وخلقت التناقض فيهم بين ما يشاهدونه فيها وبين ما يتعلمونه في المدرسة من تربية وتعليم ووعظ ديني.

ومن النماذج أو الحالات التي مرت بها وتعود للأسباب السابقة، حيازة جوالات للفتيات بها رسائل وصور ونكات فاضحة، وغياب الفتاة لعدة شهور من المنزل دون علم الأهل بدعوى الحب وإشباع العاطفة، علاقات عاطفية متطورة كانت بدايتها التعارف عبر الانترنت، إحدى النزيلات كانت والدتها نزيلة سابقة.

أما أبرز المشكلات التي واجهتها فكانت رفض وعدم تقبل الأهل لبناتهم بعد انقضاء مدة الإصلاح المحددة، حيث أصبحت الآن كل مبدئي إحضار الأب أو الولي رسمياً للمؤسسة لاستلام ابنته. ووزارة الشؤون الاجتماعية مع عدد من الهيئات والإدارات ذات العلاقة تدرس هذا الموضوع للخروج بحل جذري له.


كما أوضحت أن دور المؤسسة يتركز على التوعية والتعليم والإصلاح.. حيث إن 80% من حالات المؤسسة اخلاقية. وقرار تحويل الطالبة الى الدار يتم بعد القبض عليها من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكم أنقذت الهيئة من فتيات قبل الزلل وهذا هو الإجراء الأنسب لمعالجة الموضوع قبل إعلام الأهل. ومن الحالات التي أنقذتها الهيئة القبض على فتاة على موعد مع شاب تربطها به علاقة، ولكن اتضح فيما بعد أن برفقته أربعة آخرون.. لذلك كثير من الفتيات يشعرن بالامتنان لرجال الهيئة خاصة بعد إصلاحهن توعيتهن قبل الخروج وبعده.. ومعظم الحالات تخرج الى المجتمع مواطنات صالحات يساهمن بشكل ايجابي فيه. ولا يكون لها ملف إلا في حالة تكرار وهو لو وجد كإجراء وقائي ويتم بسرية تامة.

وهي لا تؤيد فكرة عزلهن عن المجتمع لأنه قرار ينعكس سلبياً عليهن، فهن أناس اخطأن وكل إنسان معرض للخطأ. وقد أخذن العقوبة ومن حقهن معاودة التعليم وممارسة الحياة الاجتماعية بشكل طبيعي التعليم والإصلاح، والمؤسسة تهتم بقضية التعليم جداً، وتفتح الفصول حتى ولو كان لطالبة واحدة من نزيلات المؤسسة.

وبشكل عام فإن إجمالي عدد الحالات حالياً لا يتجاوز  25فتاة من مراحل عمرية مختلفة.
وقد تحدثت الأستاذة مها ل “الرياض” مشيرة الى أن المؤسسة تقوم بدور فعال وبارز في إصلاح هذه الفئة من خلال خطط وأهداف مرسومة، حيث وفرت الوزارة جميع الإمكانات المادية والبشرية في مساعدة هؤلاء الفتيات وتبنت عملية التطوير والتجديد في سياساتها التربوية والإصلاحية لكل ما يطرأ من مشكلات قد تعاني منها الفتيات بعد الخروج، بل إنها تقوم بدور توعوي كبير من خلال المحاضرات والندوات والأنشطة التثقيفية للفتيات داخل المؤسسة وخارجها.

وتقبل المؤسسة الفتيات اللاتي يحجزن رهن التحقيق أو المحاكمة من قبل الأمن أو الهيئات القضائية، والفتيات اللاتي يصدر الحكم عليهن بالايداع بهذه المؤسسات. على أن لا يتجاوز عمر الفتاة ثلاثين سنة ويراعى عمر دون الخامسة عشر عامًا إن يمضين فترة التوقيف في قسم خاص داخل المؤسسة أو يكن محولات من قبل سلطات الأمن أو الهيئات القضائية المختصة، ويتم تصنيف الفتيات داخل المؤسسات بما يتلاءم من أعمارهن أو طبيعة إقامتهن بالدار، فهناك قسم للفتيات صغيرات السن اللاتي لا تتجاوز أعمارهن الخامسة عشر عاماً، وقسم للفتيات اللاتي عليهن سوابق وأعمارهن تتجاوز الثامنة عشر عاماً، وقسم الحجز الانفرادي، حيث تودع فيه الفتيات لحين انتهاء التحقيق معهن.

وتشمل الرعاية والأنشطة لهن عدة أوجه نفسية واجتماعية وتوعية دينية، وتعليم، وثقافة وتربية وفي ومزاولة الهوايات، إضافة الى الرعاية الصحية العلاجية والوقائية وجميعها تقدم بشيء كبير من المرونة وصولاً الى تعديل سلوك واتجاهات الفتيات واكتسابهن القيم والعادات الطيبة لإعدادهن الإعداد الأمثل تجاه الدين والوطن.

وفي نفس الوقت جاء تعليق الداعية أسماء الرويشد تكاملياً لطرح أ. مها الخميس وأكد ما سبق ذكره عبر المنهج الإسلامي التربوي فقد أكدت في مستهل حديثها على أن العملية التربوية عملية مستمرة سواء في الأسرة أو المدرسة من خلال كون الوالدان والمعلمات قدوة حية للأبناء والطالبات، وقد نوه الشرع بذلك، حيث جعل تربية الأبناء مهمة جليلة تحقق الخلافة لعمارة الأرض بل خص تربية البنات بالأجر ومضاعفة الثواب، كما ورد في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم بأن من كانت لهن اثنتان من البنات فأحسن تربيتهما كن له ستراً من النار وأحاديث نبوية كثيرة جاءت في هذا السياق،.. ثم تحدثت بشيء من التفصيل عن وسائل مواجهة قضايا الانحراف ومعالجتها والتي منها استشعار أهمية التربية، والعمل على تثقيف وتوعية المرأة لحملات الإفساد بدعوى التحرر وحيازتها لأمور ليست لها وإقحامها في ميادين لا تناسبها لأجل إبعادها عن الدور الأساسي لها وهو صناعة الأجيال وتنشئتها التنشئة الصحيحة، وهذا ما يميز المجتمعات الإسلامية. وقد توصل الغرب لهذه الحقيقة فعمل على محاولة القضاء على البناء الاجتماعي للمجتمعات والذي يمثل القوة الأساسية لبناء الأمم إضافة الى تركك العامل الآخر وهو التعليم، وفي حالة وقوع المجتمعات بين هذين الفكين هو بداية الانحلال والانحراف.

من الوسائل التي ذكرتها العمل على تحقيق القدرة في الأم من خلال الفهم الواعي لقوله تعالى: {وقرن في بيوتكن} وهذا المنهج الرباني لا يمنع المرأة في المساهمة في تنمية المجتمع، ولكن يشير الى قضية وجود المرأة في منزلها لأطول مدة ممكنة تحقق الأمد النفسي والإشباع العاطفي للأبناء وسد الثغرات وتقويم الزلل، والمحادثة والحوار.

حيث أثبتت التجارب أن كثرة خروج المرأة من المنزل غيب أدوارًا كثيرة تقوم بها الأم تجاه أبنائها وكان من نتائجها غفلة الأم عن بعض الانحرافات السلوكية للأبناء.. وقد ورد ذكر حالات لحيازة هواتف جوالة مع الفتيات دون علم الأهل.. كما أن حالات لفتيات من واقع تجربتها يشكين بعد الأمهات عنهن، لذلك يقع على المرأة العاملة عبء مضاعف للتربية وتعويض الأبناء.

من الوسائل أيضًا أخذ الحذر على سبيل الوقاية وليس على سبيل الشك في التعامل مع الفتيات في سن المراهقة فقد أمر الشارع سبحانه وتعالى: {خذوا حذركم} فيتوجب اخذ المنهج الوسط لا ثقة مطلقة أو شك وإنما مراقبة تقود الى عدم الوقوع في الزلل ومن التجارب إعطاء فتاة من مدرسة تحفيظ القرآن الثقة المطلقة قادها الى الانحراف بسبب رفيقات سوء لرفيقاتها.

العمل على إيجاد البدائل دون التوجيه الداخلي للأبناء لن تقوم له قائمة، فمن الوسائل المفيدة للوقاية من الانحرافات تقوية الركيزة الإيمانية ومراقبة الله في الأبناء وهو الحل الأنسب لمغريات الفضائيات والانترنت.. وغيرها من وسائل العصر.


من الوسائل إعطاء فرصة لتصحيح وربما عادت الفتاة المذنبة بعد الذنب أفضل مما كانت عليه قبله وهذه قاعدة ذكرها كثير من السلف الصالح والعلماء فيتوجب على الأهل والمجتمع تفهم هذا الأمر جيداً وتفصيله.

كذلك اللجوء الدائم الى الحوار والجلوس مع الأبناء والترفق في معاملتهم وتوجيههم يسد الثغرات التي تؤدي الى العزلة ومن ثم الشتات.

وفي وقفة مع الأستاذة ليلى إبراهيم الاحيدب رئيسة وحدة الإعلام التربوي بمنطقة الرياض للحديث عن أهداف اللقاء وهدف إشراك مؤسسة إصلاحية قالت.. “من أنا وماذا أريد” برنامج تربوي أعدته الوحدة يهدف الى تعزيز الذات لدى الطالبات لدفعهن للتخطيط الصحيح للمستقبل ووضع أهدافه ويتضمن البرنامج إشراك مؤسسة إصلاحية لتعزيز الأسلوب الوقائي للطالبات من خلال عرف نماذج لفتيات قادهن التخطيط غير الواعي الى المؤسسات الإصلاحية ونبعت فكرة البرنامج بعد اكتشافها مهارة الإعداد والتخطيط للمستقبل لمعظم الفتيات. وبعد موافقة الأستاذ إبراهيم العبد الله مدير عام التعليم ودعمه تم تنفيذها مع مطلع العام الدراسي الحالي بمدارس نجد ونظراً للإقبال الذي حظي به البرنامج تقرر تعميمه على أكبر عدد من المدارس الحكومية بمنطقة الرياض، ويتوقع استمراره لعدة سنوات، مع تغيير فريق العمل المنفذ في كل مرة ليعطي البرنامج إثراء علمياً ومعرفيًا ووقائياً وتوعوياً بشكل أكبر.

 (تميز في اللقاء التربوي الثالث)

تميزت فعاليات اللقاء التربوي الثالث “كن فعالاً” عبر فعالياته من محاضرات وأوراق عمل وعرف لتجارب تربوية خلال اليومين الماضيين (الأحد والاثنين) ( 16- 1425/10/17ه) بوحدة الإعلام التربوي بإدارة تعليم البنات بمنطقة الرياض بحضور وإقبال كبيرين من منسوبات لقيم البنات وتربويات وأمهات.

وقد نجح فريق وحدة الإعلام التربوي بمنطقة الرياض كعادته برئاسة الأستاذة ليلى إبراهيم الاحيدب في إعداد وتنظيم فعاليات اللقاء الذي بدأ في اليوم الأول بكلمة الأستاذة ليلى الأحيدب رئيسة الوحدة تحدثت فيها عن عملية التنمية البشرية وكونها سمة حضارية تتبارى الدول لتقديمها وهي بمثابة تجارة رائجة في الوقت الراهن.. كما تطرقت الى تجارب مكاتب الإشراف وتجاربهن الفعالة في هذا المجال، وعرفت عدداً من النماذج الناجحة في هذا المجال أهمها تجربة دمج الأطفال المعاقين سمعياً مع الأطفال العاديين، وتجربة دمج الطفل الكفيف مع غيره من الأصحاء في إحدى الروضات وذلك بالتعاون مع مكتب التربية الخاصة بوزارة التربية والتعليم.

بعد ذلك قدمت د. أفراح الحميضي المحاضرة بكلية التربية للبنات ورقة عمل حول التربية الفعالة تناولت خلالها سمات التربية الفعالة، وآلية تحقيق الفاعلية في التربية.
كما قدمت الدكتورة فوز عبداللطيف كردي محاضرة بكلية التربية للبنات بجدة بعنوان “وقل اعملوا” شرحت فيها معنى الفاعلية وأوضحت أهمية العمل من الدين وخطوات عملية لتحقيق ذلك.

أواخر اليوم الثاني.. عرضت الأستاذة مها الخميس صورًا، ونماذج من تربية النشء من خلال عملها كمشرفة في دار رعاية الفتيات، و تناولت دوافع الفتيات للانحرافات السلوكية والأخلاقية ودور الأسرة في الحد من ذلك.

بعد ذلك قدمت الأستاذة أسماء الرويشد الداعية المعروفة تعليقاً على ما تم طرحه في المحاضرة.. حيث أكدت على أهمية التربية فهي مهمة الرسل التي تأتي بتعبير تزكية النفس وتخليصها من جوانب الشر، كما أكدت على إن المجتمع تربى على الشريعة وهي أعلى مناهج التربية، و أشارت الى دور التقنيات الحديثة واستخدامها بشكل سيء انعكس على المجتمع فنشأت العديد من المشكلات والانحرافات الأخلاقية ومنها الهواتف الجوالة، والانترنت.. ركزت أيضاً على البناء الذاتي الصحيح في الناشئة والذي يمثل الحصن المنيع لهم من التيارات الفكرية المنحرفة أو المضللة والتي ساهمت في تذويب الهوية الإسلامية.

تميزت أيضاً المداخلات والأسئلة بالموضوعية والحوار العلمي.