الوحدة تكاد تقتلني



الوحدة تكاد تقتلني

نص الاستشارة:

باختصار مشكلتي منذ طلعتي وانا عايشة وحيدة وحيدة وحيدة  محرومة عاطفيا ومستقبليا صحيح عندي اهل ولكن لا يشكلون في حياتي سوى العذاب فيه تفضيل الولد على البنت، ما شفت العدل نهائيا والضحية انا حتى تعليمي ما اهتموا فيه مستقبلي هدموه وسجنوني في البيت لا اكمل تعليمي ولا أعيش مع الناس الا أقاربهم بس ما قدرت تحمل العيشة قلت اتزوج بس عشان اطلع من الحبس حتى قلت لأمي اني بتزوج عشان اطلع من العيشة ذي قالت لي بكل برود مالي دخل حتى النصيحة ما نصحتني وتزوجت ورجعت اطلب الخلع وتطلقت ورجعت حياتي مثل ما كانت حتى اصبت بالحزن و تدهورت صحتي كثيرا، تعبت كثيرا من هذه الدنيا، أريد حلا، أشعر أنني على وشك الانهيار.

الإجابة:

أختي الكريمة: شكرا لك على ثقتك  بموقع آسيا للاستشارات ، و نرحب بك في هذا المكان الذي نحاول فيه أن ننمو بالحكمة والعلم والتعقل والتطور المستمر، لا أحد في هذا العالم لا يعاني من مشاكل، لكن أنجح الناس هم أولئك الذين يتغلبون على مشاكلهم بالعقل الذي توجنا به المولى عز وجل و جعله لنا زينة ومخرجا من كل أزمة، أما لو اشتدت عليك الظلمة والظلم فالإيمان بالله يتسرب إليك في لمسة حانية و رحمة لا حدود لها حتى لو كنت في جحر مع حيات و ثعابين، لكنك مع أبويك و إخوتك و مهما يكن فهم  بعض منك.

دعيني أولا أهنئك لأنك تغلبت على المشكلة بضربة قاضية، حينما قررت أن تبوحي لنا  و تطلبي المشورة لا خاب من استخار ولا ندم من استشار، فبوركت على هذه الخطوة الجبارة والشجاعة التي ستفتح لك أبواب الحلول على مصراعيه

أولا : أنت قوية في رفض الواقع الصعب الذي تمرين به، و هذا يدل على أنك تمتلكين طاقة عظيمة لكنك في الوقت الراهن قد تدمرين نفسك بهذه الطاقة لأنك في حالة من السلبية  والغضب تمنع عنك الرؤية وأنت الآن غير قادرة على التفكير الهادئ الذي سيصل بك إلى هدفك. ولذلك عليك أن تمارسي الهدوء والسكينة، تمارسي الخشوع  في الصلاة والدعاء، ابكي لله تعالى اشتكي له أفرغي قلبك لكن لا تدعي على من لو أصابهم الأذى تكونين أول من يبكي عليهم، و إن دعوت فادعي لهم بالهداية والرحمة و سيصيبك خير الدعاء للجميع.

حددي لك هدفا بسيطا واضحا و اعملي على بلوغه، كوني واقعية و إيجابية و لا تستسلمي ،كأن تحصلي على الطمأنينة في مدة شهر، و تقدمي نحو هدفك كل يوم خطوة،  ثم إني أرجو أن تفكري قليلا في والدتك، ستجدينها امرأة مسكينة ليس في نيتها أذيتك و لكنها تقاليد و عقلية ورثتها أبا عن جد، و لو فتحت قلبها لوجدته قلبا محبا يحضنك و يتعذب لعذابك، حتى ولو لم تعرف كيف تعبر عن هذا الحب فلا تظلميها وأنت لم تجربي الأمومة بعد، ولعلك يوما تفهمين أنها لا تحسن كيف تعينك وهي نفسها ولدت وتربت في هذا الجو ولا تحسن غير ما فعلت فكوني أرحم بها من نفسك لأنها أمك حبيبتك و أرحم من في الأرض بك، حملتك وربتك و جعلت منك صبية فلا تستقوي عليها واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم و انظري إلى عينيها وقسمات وجهها ستجدين فيهما التجاعيد و الحب و العذاب، و احذري أن تظلميها وتزيدي الطينة بلة. 

ثانيا: الأمل الوحيد في أن تخرجي من هذا السجن هو أن تحرري قلبك من الغضب والمشاعر السلبية و الحسرات على ما فات، أنت ما تزالين صبية في عمر الزهور ثقي في الله وانظري إلى المستقبل بعين حالمة وتطلعي إلى الغد بالأمل،  لعل الله امتحنك ليرفعك ويجعلك من المقربات الصالحات، اغرسي في حياتك أشجارا مثمرة، اقرئي حتى ترتوي، تزودي من القرآن والصلاة حتى تصحي، وتعلمي فن الحوار الهادئ و سحر الكلمة الطيبة و قوة المنطق و كوني كالشجر إذا رماه الناس بالحجر رماهم بالثمر.

الناس يملون و يتعبون من الانسان المتشائم و يحبون و يتعاطفون مع الانسان الخلوق الطيب و يساعدونه فاكسبي الأهل و الأصدقاء و الأحباب تجدين نفسك في متعة و جنة، لا تحقدي على أحد، فالحقد مرض عضال يؤذيك أنت أولا ويدمرك.

أرجو ألا تتمادي في تمزيق شعرك و تكسير الأشياء لأنه طريق مسدود نهايته مستشفى المجانين و أنت فتاة عاقلة وأرى في كلماتك قوة فلا تستسلمي مثل الضعفاء و حاربي مشكلتك بالحب و الكلمة الطيبة

تعلمي فالعلم ليس في المدارس، و صاحبي الطيبات يكن لك عونا و الصلاة دواء والقرآن حديقة غناء و الصيام و القيام والذكر سلاح لا يهزم

عليك بهذه الخطوات العملية لمدة شهر كامل بدون توقف حتى تصبح لك عادة 

أولا: تنفسي بعمق بعد كل صلاة لمدة نصف ساعة لا تتكلمي واذكري الله و استغفري بدعاء سيدنا يونس عندما ابتلعه الحوت واستقر في الظلمات، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

ثانيا: فكري في شيئ جميل يسعدك لمدة نصف ساعة يوميا إذا ضاعت الفكرة منك ابدئي من جديد حتى تتمكني من نفس الفكرة السعيدة لمدة نصف ساعة كرري و لا تستسلمي أبدا

ثالثا: أهتمي بصحتك و أكلك و جمالك يوميا

رابعا: قدمي خدمة و لو بسيطة واحدة لشخص قريب  منك على أن تكون نيتك لله تعالى خالصة فستسعدين و تفرحين

خامسا: إذا شعرت بالغضب توضئي ومارسي التنفس العميق و الاستغفار

أخيرا : أقرئي يوميا و لو 10 صفحات من كتاب أو مقال على النت لتنمية شخصيتك و أحسني لولديك حتى لا تندمي في يوم من الأيام.

وستكونين قريبا بألف خير انشاء الله ولا تنسينا من الدعاء