لماذا أتعلق بالأشخاص إلى حد الجنون؟!



لماذا أتعلق بالأشخاص إلى حد الجنون؟!

نص الاستشارة:

  أنا فتاة أحب جداً أي شخص لدرجه الجنون بيني وبين نفسي

مع أني انصح أي فتاه لها علاقة مع شاب

علاقتي تدور بيني فقط تدوم تلك العلاقة إلى سنه أو أكثر لا اعرف لماذا

طبعاً يكون الشخص آما بعيد أو  ع  النت ..أتمنى ان أجد حل مقنع لي وليس صعب علي كما أني في صغري تعرضت لمشاكل أسريه .. كـ زواج أبي على أمي ..الغريب اني انصح الناس  مثل اللي مثل حالتي أرجو الحل ,..الله يوفقك.

الإجابة:

 أختي  الكريمة / السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

  أشكر لكِ ثقتك في مركز آسيه للاستشارات وأرجو أن تجِدِي في هذه الاستشارة نفعًا..

يتضح لي من خلال استشاراتك انك تشتكين من شدة تعلقك بالآخرين تصل إلى الحب الجنوني لكن دون ان تخبريهم رغم أنهم أشخاص بعيدين عنك الأخت ريم (ظاهرة التعلق بالأشخاص) قد تكون إيجابية إلى حد ما،

ولكن كما يقال: ما يزداد شيء عن حده إلا انقلب ضده وهناك حدود فاصلة يجب أن ننتبه لها بين الحب والتعلق المقبول، وبين الحب والتعلق المذموم، وهى تظهر في الحركات والتصرفات وعندها إذا حدثت فلا بد من العلاج السريع وقطع دابر هذه المشكلة والوقاية خير من العلاج،

وهذه الظاهرة قديمة ذكرها القرآن وعالجها، ففي سورة آل عمران بعد الحديث عن بعض أحداث غزوة أحد: خاطب القرآن عموم المسلمين، بقوله: «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» (سورة آل عمران: 144). وكأن القرآن يؤكد للجميع {لا تتعلقوا بالشخص ولو كان ذات الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولكن تعلقوا بالمنهج فقط أولا وقبل كل شيء}.

ولأضع يدك على الحلول المناسبة لهذه الظاهرة لا بد أن نحدد أولا بحكم ما نراه أسباب هذه الظاهرة، ولعل بعضها يكون موجودا والبعض غير موجود ، ولكن وجود أحدها لا يعني وجود الكل،

  • ومن الأسباب التي تؤدى إلى هذا التعلق لدرجة الحب الجنوني نجد أنها فراغ القلب من محبة الله، والجهل بعظمة الخالق
  • أو لربما ضعف المنهج التربوي , التجانس إما مبدأ أو سلوكا أو عمراً أو طبعاً,
  • الشعور بالنقص وهذا النقص قد يكون عاطفة أو علماً أو جهدا وعملاً أو غير ذلك من جوانب النقص في الشخصية,
  • انتشار آثار الهوى والشهوة,
  • الوحدة والعزوف عن الجلسات التربوية الجادة،
  • ضعف الرقابة الذاتية، وضعف الرقابة من قبل المربين ، وسكوتهم وتهاونهم في معالجة هذه المشكلة واستئصالها بمجرد ظهور بوادرها في الشخص،
  • طبيعة الشخص نفسه بمعنى إن الإنسان ممكن يكون عاطفي زيادة عن اللزوم ويكون متربي تربية معينة في وسط يعلي من شأن العاطفة

هذا شئ من الأسباب التي تؤدي الى التعلق ..

أختي الكريمة أعجبني فيك إدراكك لخطء ما تشعرين به من تعلق للآخرين ورغبتك في حل هذه المشكلة 

لذلك ارجو منك ان تجعلي رقة قلبك في طاعة رب العالمين، وفي التعاطف مع المحتاجين، وفي محبة صديقاتك في الله، فإن الإنسان إذا عجز عن تغيير صفاته السلبية، فإن عليه أن يغير مجاريها فيستخدمها في الطاعات، ويوجهها إلى ما يرضي رب الأرض والسماوات،

ولن تقعي – بإذن الله – في التهلكة إذا حرصت على سد كل الطرق الموصلة إلى الخطايا، وراقبتِ الله في كل شئ وتذكري أنك مأمورة بغض بصرك؛ لأن الله خاطب المؤمنات بقوله: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ)[النور:30] وهذا يشمل الذكور والإناث، ولكن حتى لا تظن الأنثى أنها غير مقصودة وجه لها خطاباً آخر فقال: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ)[النور:31]،

ومن ثم حاولي ان تمارسي هواياتك المحببة ابحثي عن هوايات جديدة ومارسيها , مارسي الرياضة استنفذي طاقتك في كل شئ يعود عليك بالفائدة دنيا وأخره

إملئي وقتك وقلبك و لا تجعلي لقلبك فراغ او ثغرة يستغلها الشيطان , وعليك بتقوى الله، وكثرة اللجوء إلى الله، واحرصي على حب والديك والبر بهما، وكوني في حاجة اليتيم والمسكين، ليكون العظيم في حاجتك وأكثري من دعاء “اللهم لا تعلق قلبي بما ليس لي اللهم إملاء قلبي حبا لك وحبا لمن يحبك” ونسأل الله لك التوفيق والسداد.