الشفافية في الحياة الأسرية



الشفافية في الحياة الأسرية

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..

أما بعد..

 

الشفافية كلمة يرددها الكثير في يومنا هذا بشكل لم نعهده في السابق، بل هي من الكلمات المهجورة في مجتمعنا، وهي في أبسط معانيها لا تعدو أكثر من (الوضوح والصراحة).

ولها في الحقيقة أصل في ديننا، وتبدو واضحة جليّة عندما سئل عليه الصلاة والسلام، من أحب الناس إليك ؟، (قالها بوضوح وشفافية) عائشة، ومن الرجال؟ قال: أبوها.

وهذا من أكمل وآكد خصوصياته صلى الله عليه وسلم.

ولا شك بأن الشفافية شيء جميل بأن يكون الواحد منا ذو شفافية ووضوح في حياته، حتى ولو كان فيها ما يؤلم أحيانًا، لأن الإيلام المترتب على عدمها أشد وطئًا على النفس، بجانب كونه أحيانًا استخفافًا بالعقل والفهم.

ولكننا ومع كل أسف نجد أن بعض الناس في هذه الأزمنة أمام مفترق بالغ التعقيد والضبابية، حيث بات يخيم الغموض والضباب على واقع بعض الأسر، حيث أصبحت بعض الأمور تلتبس أحيانًا على أناس قد يكونون محتسبين على أهل العلم والثقافة بحجة (الخصوصية).

ولا أعني بذلك أن يكون الواحد منا كتابًا مفتوحًا يقرأه كل من يراه أو يجلس معه!، ولا أن يكون غامضًا كتومًا يميل إلى إخفاء كل شيء في حياته حتى بأبسط أموره.

وفي المقابل.. لا نقلل من شأن الخصوصية بل نقدرها ونحترمها، فليس كل شيء يُعلم، ولا كل شيء يُقال!!

وأعتقد في نظري بأن الأمر الذي استدعى الحديث عن الشفافية ومدى وجودها في الواقع الأسري هو تلك الحيرة التي نحياها ونعيشها في أسرنا سواءً من جانب الزوج أو الزوجة أو الأبناء، فقد تحتار تلك الزوجة أو أحد أطراف الأسرة في تصديق أو تكذيب ما يُقال في أمر من أمور أسرتها ومملكتها لأنها قد تسمع من فلان أو فلان من الناس عن أخص الخاص في حياتها، ولا تسمعه من زوجها بحجة أن ذلك من خصوصياته أو لأنه شخص (كتوم وغامض)، شيء صعب جدًا أن تشعر بأن هذا الشخص الغامض هو زوجك أو زوجتك أو أحد أبنائك.

يعيشان في بيت واحد، بل ربما وعلى وسادة واحدة وبينهما بعد المشرق والمغرب من البعد والغربة بسبب ما يسمى بـ الخصوصية، لدرجة أنه لا يكاد الواحد يعرف عن الآخر سوى موعد استيقاظه وطعامه وخروجه من البيت!.

ومن أعجب وأغرب ما سمعت في هذا الشأن (ووقفت عليه بنفسي في مجال الاستشارات) ذلك الزوج الذي يخطط ويقرر ويسافر إلى بلدٍ بعيد شرقًا أو غربًا، ويغيب عن زوجته وأولاده القصّر بالأشهر وهم لا يعرفون عن سفره، أفي أرضٍ هو أم في السماء؟

أليس هذا فهمًا خاطئًا لهذه المعاني الجميلة السامية في العلاقات الزوجية!

أم تلك الزوجة التي تخبئ عن زوجها الصغير والكبير، والجليل والحقير لتتوازن في حقها المعادلة، فتبادل زوجها نفس الغموض ليحس بنفس الشعور!، أليس هذا سلبية؟

والأبناء هم من يعيش تلك الحيرة القاتلة فلا يدرون من يأخذون حياتهم ولا بمن يقتدون.

أم ذلك الابن – كما ذكرت لي بعض الأمهات- ونسمعه كثيرًا من يقول لأمه سأذهب لمكة المكرمة شرفها الله، أو للشرقية وهم يقصدون أماكن أخرى.

أترك الإجابة للجميع..  ولعلّي سلطت الضوء ولو على جزئية بسيطة مع التفاته لشحذ الذهن للتفكير في واقعنا الأسري.

 

 

ختامًا..

فديننا -ولله الحمد- هو الدين الواضح والشفافية بكل ما تعنيه من معانٍ نبيله وعلاقة حميمة..

وإننا لنجد سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم مليئة بهذا النور والضياء والوضوح حتى في أدق أمور حياته.

 

وفق الله الجميع لما يحب ويرضاه

 

 

الداعية و المرشدة في التوجيه الأسري: أ.نوره سعد العصفور