سلسلة (استبق الحدث) 4: التاءات الثمان للاستعداد لرمضان – الجزء1



التاءات الثمان للاستعداد لرمضان:

توكل – تحفيز – تخطيط – تطهير – تدريب – تجهيز – تذكير – تحصين.

1 – التوكل :

بتفويض الأمر إلى الله، والاستعانة به على طاعته، والافتقار لتوفيقه . قال تعالي:(لِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِ ل عَمَّا تَعْمَلُون) [هود: 123 ]
قال ابن القيم: (فأعظم التوكل عليه التوكل في الهداية، وتجريد التوحيد ومتابعة الرسول، وجهاد أهل الباطل، فهذا توكل الرسل وخاصة أتباعهم) [الفوائد]

كيف أستعد؟

– تعليق رجاء القلب بالله تعالى، وقطعه عن الأسباب التي أنت ساعٍ فيها .

– الدعاء والتضرع بطلب العون والتوفيق .

– التبرؤ من القوة والقدرة الذاتية .

– الخوف والحذر من العوائق الداخلية والخارجية .

2 – تحفيز :

باستنهاض الهمة، وتشويق القلب، واستحثاث النية والعزم، ومدافعة الرتابة ليكون صيامنا وقيامنا إيمانًا واحتسابًا .

كيف أستعد؟

القراءة والسماع اليومي عن فضائل رمضان وخصائصه .

– الاطلاع على سير السلف والمتنافسين في رمضان .

– تذكر من حيل بينهم وبين رمضان .

– تخيل حسرة الفوت في نهاية المطاف .

3 – تخطيط :

بتحديد الأهداف، وترتيب الأولويات، وتوزيع الأعمال على الأوقات . ما الذي تريده في رمضان؟ ما الذي تريد أن تخرج به من رمضان؟
ربما تريد أن تحافظ على خصلة لم تكن تحافظ عليها قبل رمضان، وربما تريد أن تترك خصلة طالما حدثت نفسك بتركها، وقد تجعل من أهدافك زيادة عمل ما، أو طلب الخشوع، أو البدء بقرار حاسم مع نفسك بتوبة نصوح.. المهم هو أن تخطط، فإن بلغت فلك أجر العمل، وإن تعثرت أو غُلبت فلك أجر النية .

قال ابن سعدي : (ومن لطيف لطف الله بعبده أن يأجره على أعمال لم يعملها بل عزم عليها، فيعزم على قربة من القرب، ثم تنحل عزيمته لسبب من الأسباب فلا يفعلها، فيحصل له أجرها، فانظر كيف لطف الله به!! فأوقعها في قلبه، وأدارها في ضميره، وقد علم تعالى أنه لا يفعلها، سوقا لبره لعبده وإحسانه بكل طريق.)  [المواهب الربانية]

كيف أستعد؟

– نظم أعمالك بدءً من شعبان بحيث يكون انشغالك عن العبادة أقل ما يكون في رمضان، فرتب مواعيدك وما ترتبط به من أمور، وحاول إنجاز الجزء الأكبر منها في هذا الشهر.

– ضع خطة ذاتية لاستثمار رمضان تبدأ بالتدرج من شعبان .

– حدد أهدافك في التحسين والتغيير وجزئها (عبادة- خلق – عادة- علاقة..)

– استحدث عبادات مشروعة غير معتادة .

– ركز على نقاط ضعفك لإصلاحها .

– لا تجعل خطتك على مراد الناس وعادتهم .

– تابع نفسك وفق أهدافك، قيم نفسك باستمرار، اجعل نفسك
نصب عينيك .

– تذكر دائماً حساسية الوقت وخطر إضاعته .

– الاعتدال والرفق والمرونة في وضع الخطة .

– الزيادة التدريجية بخط بياني مع الوقت، وفي حدود الطاقة .

 

4 -تطهير :

بقطع الالتفات للشهوات المحرمة، والندم على ما فات، وتنقية القلب .

 

كيف أستعد؟

– الانكفاء على الذات بالمراجعة والمحاسبة .

– تذكر الذنوب واحدًا واحدًا، والتوبة الصادقة منها .

– التسامح والعفو وفتح صفحة جديدة .

– أداء الحقوق والديون والتحلل من الناس.

– تذكر من هو مخموم القلب .

عن عبدا لله بن عمرو رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله، أي الناس أفضل؟ قال: (كلُّ مَخْموم القلب صدوق اللسان)، قيل: صدوقُ اللسان نعرفُه، فما مخموم القلب؟ قال: (هو التَّقيُّ النَّقيُّ، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غلَّ ولا حسد) [السلسة الصحيحة للألباني]

5 – تدريب :

بالتدرج مع النفس لدفع المشقة، واعتياد العبادات والتمرين عليها، والتهيؤ التصاعدي للاجتهاد في رمضان . شعبان كالمقدّمة لرمضان، فيحسن أن يكون فيه شيء مما يكون
في رمضان، من الصيام وقراءة القرآن والصدقة والإحسان .
ولو نظرتَ إلى واقع الصحابة والتابعين – رضي الله عنهم – لرأيتَهم
يستعدون لشعبان كما يستعدون لرمضان؛ فعن لؤلؤة – مولاة عمار- قالت: “كان عمارُ – رضي الله عنه – يتهيَّأ لصوم شعبان كما يتهيَّأ لصومِ رمضانَ “. كانوا ينكبُّون على كتاب الله يتلونه ويتدارسونه، ويتصدقون من أموالهم، ويتسابقون إلى الخيْرات، وكأنهم يُهيِّئون قلوبهم لاستقبال نفحات رمضان الكبرى . كانوا يقولون: شهر رجب هو شهر الزرع، وشهر شعبان هو شهر سَقي الزرع، وشهر رمضان هو شهر حصاد الزرع، بل شبَّهوا شهرَ
رجب بالريح، وشهرَ شعبان بالغيم، وشهر رمضان بالمطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسقِ في شعبان، فكيف يريد أن يحصد في رمضان؟!

كيف أستعد؟

-أكثر من صيام شهر شعبان حتى لا يغلبك وهن الصيام في رمضان .

قالت عائشة رضي الله عنها:( كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلًا) [رواه مسلم]
قال ابن حجر: كان صيامه في شعبان تطوعًا أكثر من صيامه فيما سواه، وكان يصوم معظم شعبان .

– أقبل على تلاوة القرآن وتدبره وتفهمه، وعندما رأى سلمة بن سهيل الحضرمي التابعي – رحمه الله تعالى – قومَه إذا أقبَل عليهم شهر شعبان تفرَّغوا لقراءة القرآن الكريم قال: “شهرُ شعبان شهرُ القُرَّاء”.

وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال )هذا شهر القراء(، وكان عمرو بن قيس إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرغ لقراءة القرآن .

– عود نفسك على قيام الليل للتقوي على قيام رمضان، وقلل ساعات النوم .

– الإكثار من ذكر الله وترطيب اللسان به، وكثرة الاستغفار والتوبة .

– العناية بالصدقة وكفاية المحتاجين .

– تعاهد الأقارب والتزاور في الله .

– التدرب على تحويل العادات إلى عبادات، باستحضار النية التي يحبها الله تعالى فيها .

– التعود التدريجي على الوضوء بعد الحدث ثم الصلاة بعده.
عن بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: ” أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بِلَالًا فَقَالَ:(يَا بِلَالُ بِمَ سَبَقْتَنِي إِلَى الجَنَّةِ؟ مَا دَخَلْتُ الجَنَّةَ قَطُّ إِلَّا سَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي، دَخَلْتُ البَارِحَةَ الجَنَّةَ، فَسَمِعْتُ خَشْخَشَتَكَ أَمَامِي)، فَقَالَ بِلَالٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا أَذَّنْتُ قَطُّ إِلَّا صَلَّيْتُ رَكْعَتَيْنِ ، وَمَا أَصَابَنِي حَدَثٌ قَطُّ إِلَّا تَوَضَّأْتُ عِنْدَهَا وَرَأَيْتُ أَنَّ لِلَّهِ عَلَيَّ رَكْعَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بِهِمَا) “. [صحيح الترمذي للألباني]

– عود نفسك على طول الدعاء واحفظ من الأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهي تحوي جوامع الكلم .

– تذكر أنه على قدر الاستقامة في شعبان، على قدر ما يُفتح لك في رمضان.
قال موسى عليه السلام: (وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى) [طه 84 ] فكان اصطفاء الله تعالى له:(قا ل يا موسى إِنِّي اصطَفَيتُكَ عَلَى النّاسِ بِرِسالاتي وَبِكَلامي فَخُذ ما آتَيتُكَ وَكُن مِنَ الشّاكِرينَ) [الأعراف 144 ]